لماذا لا يزال جنوب السودان يعاني من صراعات مستوطنة ومنخفضة الحدة تتخللها حروب أهلية كارثية؟ كثيراً ما يخطئ المراسلون والمحللون في وصف الصراعات في دولة جنوب السودان الفتية على أنها نتاج للخصومات "القبلية" أو "العرقية" المثيرة للانقسام والمنافسة السياسية على الثروة النفطية. وقد ركزت التحليلات الأكثر دقة التي أجراها خبراء إقليميون بشكل شبه حصري على الاقتتال الداخلي بين نخبة السياسيين وضباط الجيش المتمركزين في جوبا وغيرها من المدن الكبرى الذين يستخدمون شبكات المحسوبية لإضفاء الطابع العرقي على الصراعات. وتجادل هذه الورقة بدلاً من ذلك بأن الميليشيات المدنية المعروفة باسم جيش النوير الأبيض تمردت باستمرار ضد النخب التي تحملها المسؤولية عن تزايد عدم المساواة بين المناطق الحضرية والمجتمعات الريفية بغض النظر عن أصلهم العرقي. ورغم عدم قدرتها على منع الحكومات والمنظمات غير الحكومية من توجيه كل مواردها تقريباً إلى المدن، فقد حشدت هذه الميليشيات باستمرار الموارد المحلية لشن حملات عنيفة تعمل على إعادة توزيع الثروة عن طريق نهب المناطق الحضرية.